The Rabbit
Art Portal Fine Art

Gifts Lebanon souvenirs

Discover Tourism Lebanon

 

(هذه قصة حقيقية وقعت معي عندما كنت في سن ألطفولة أود أن تقراؤها لو سمحتم)

ألناظر ألجاهل وألقس أللعين
و
ألنائب جان عزيز
(رحمه ألله)

دير مشموشة

يقع دير مشموشة ألمشهور في منطقة جزين, يبعد عن ألبلدة بضعة كيلومترات وعن مدينة صيدا حوالي ألثلاثين.
يتبع هذا ألدير الرهبنة ألمارونية, فيه مدرسة داخلية خارجية كان ألأنعاش ألأجتماعي يساهم مساهمة لا بأس بها بمساعدة بعض أولياء ألطلاب أصحاب ألدخل ألمحدود.

كنت يومها في ألسادسة من عمري, كنا نعيش في بيروت حيثُ ولدت في ألشياح (حارة حريك) قبل قدومنا الى راشيا ألوادي ألتي أمضى أهلي فيها فترة خمس سنوات بحكم وظيفة أبي ألعسكرية في سلك ألدرك.

بعد مرور سنتين ( ألثامنة من عمري) على قدومنا ألى راشيا ألوادي, ألبلدة ألجميلة ألتي تقع على سفح جبل ألشيخ ألرائع, ولأن ألثلج كان يغطي معظم أراضي ألبلدة وألمدرسة كانت تقفل أبوابها أكثرمن عدة شهور, قرر أهلي أرسالي ألى دير مشموشة لطلب ألعلم.

قرار ذهابي ألى دير مشموشة كان
ليس لأن ألدير كمدرسة كان مشهورا ً أنذاك بل أيضا ً لأن أبي وأمي كان أصلهم من منطقة جزين وكان لهم أهل وأقرباء في تلك ألبقعة يعولون عليهم بعض الشيء أن أرادوا ألأطمئنان عني لتعثر زيارتي بسبب بُعدِ ألمسافة أولا ً بين راشيا وجزين وثانيا ً بسبب عدم قدرتهم على ألزيارة بسبب ألتكلفة ألعالية.

أبتدأتُ ألسنة ألأولى بألدراسة وكان ألدير مدرستي وبيتي.

كان يعمل في هذا ألدير بضعة أشخاص عرفت فيما بعد من أهلي أنهم أقارب لنا.
تعرفت عليهم فزال عني بعض ألخوف ألذي دخل أحشائي منذ ألشهر ألأول بسبب نظرات ألرهبان ألقاسية وقساوة ألأساتذة ألتي كان جميع ألطلاب يرتعشون منها.
هذا ولكني لست بصدد ألتكلم عن ذالك بل عن شيء أهم بكثير.
أتبعوا قصتي لو سمحتم:

أمضيت سنتين من عمري (حتى ألعاشرة) في هذا ألدير وكان أبي يتعثر بدفع جميع أقساطي وبالرغم من ذالك ألتعثر كانت ألأقساط جميعها تدفع في حينها.
ما أن أنتهت ألسنتين ألدراسيتين وأشرفت ألثالثة على ألأبتداء حتى قرر ألأهل ألأستعانة بألأنعاش ألأجتماعي فأتى والدي ووالدتي ألى ألدير وأجتمعوا مع رئيسه أنذاك فوعد خيرا ً.
لكن هذا ألوعد بأكمال تعليمي على نفقة ألأنعاش الأجتماعي لم يأتي من ذالك ألقس ألذي وعد ورفض ألمساعدة لاحقا ً وأخلى بألوعد.

قررت أمي زيارة ألنائب جان عزيز
يومها أتصل ألعزيز بألرئيس القس وأخذت أمي وعدا ً منه بأن ترسلني ألى ألدير لبدء ألدراسة على نفقة ألأنعاش.
هكذا كان وأبتدأت ألدراسة للسنة ألثالثة على ألتوالي.
هذا أيضا ً ولكني لست بصدد ألتكلم عن ذالك بل عن شيء أهم بكثير.
أتبعوا قصتي لو سمحتم:

شعرت في هذه ألسنة شعورا ً بأنني أصبحت منبوذا ً من ألجميع خاصة من رئيس ألدير وألرهبان.
كنت يومها في ألحادية عشرة
كان ألوقت ظهرا ً عندما دخل على ألصف راهب ٌ تكلم مع ألأستاذ وخرج.
بعد بضع ثوان ٍ أمرني ألأستاذ بألخروج وألذهاب ألى مكتبة ألمدرسة.

وصلت باب ألمكتبة ألتي تقع في بهو ألملعب ألداخلى للدير, فرأيت صاحب ألمكتبة ألذي أذكر أنه كان من أل حرفوش من وادي جزين
جالسا ً وجانبه كان واقفا ً ناظر ألمدرسة ألجاهل لا أذكر ألا أن أسمه ألأول كان ميشال وكان من بلدة قيتولي قضاء جزين.

ما أن دخلت ألباب ألا وسألني ألناظر ألجاهل قائلا ً:
لماذا أباك لم يدفع لغاية ألأن ثمن كتبك ألمدرسية لصاحب ألمكتبة؟

لم أجد ثانية واحدة للجواب لأنني وجدت نفسي ملقى على ألأرض بعد أن صُفِعتُ صفعة ً قوية ً على خدّي ألأيسر جعلتني أدورعلى نفسي مرتين قبل أن أهبط ألى ألأرض.

عندها لم أجرأ على طلب ذهابي ألى ألحمام أو ألمرحاض ألا من صاحب ألمكتبة ألذي توسط لي مع ألناظر ألجاهل لكي أذهب لأنني أحسست بألماء ألساخن يجري بين أرجلي بعد هذه ألصفعة ألهائلة.

هذا وعند خروجي ألمترنح من ألمكتبة ألى ألمرحاض ألقريب حانت مني ألتفاتة سريعة ألى زاوية قريبة من ألمكتبة لأجد فيها ذالك
ألراهب أللئيم ينظر ألي نظرة خلتها كالموت من خلال ثوبه ألأسود.

ذهبت وحدي ألى ألمرحاض,
أنا ألطفل أبن ألحادية عشرة من دون أن يساعدني أحد حتى ألراهب بألذات.

طبعا ً لم يدع أبي ألحنون هذه ألحادثة تذهب من دون تلقين ألناظر ألجاهل درسا ً لم ينساه مدى ألحياة.
كانت هذه ألسنة أخر سنة لي في ألدير ولكن ألقصة لم تنتهي هنا فألرجاء ألمتابعة.

أتبعوا قصتي لو سمحتم:

عندما أصبحت في ألثانية عشرة نقل أبي ألعسكري من راشيا ألى مخفر جزين فقررت ألعائلة ترك راشيا وألأنتقال معه ألى جزين.
عشرة سنين مرت وكنت يومها في ألعشرينات من عمري عندما أبتدأت ألحرب ألأهلية.

بضعة سنوات على أبتداء ألحرب وألقتل على ألهوية سمعنا في جزين عن مقتل ثلاثة من أبناء أل حرفوش من وادي جزين في مرفأ بيروت ألذي كان مفتوحا ً أنذاك على ألسطو وألسرقة.
وصلت معلومات تقول بأن ألأبناء ألثلاثة قتلوا في ألمرفأ على يد عصابة كانت تنافسهم على ألسرقة.

يومها وقبل بضعة أسابيع فقط على هذه ألحادثة كنت منتهيا ً من وصلة غنائية لوديع ألصافي في أستديوا ألفن (أخراج سميرألأسمر)1981
حزت فيها بألمرتبة ألأولى عن محافظة ألجنوب.
يومها غنيت أصعب أغاني ألصافي (يا عيني عالصبر).

هذا وبعد حادثة ألقتل لم يأتي على بالي أن ألأبناء ألثلاثة هم أبناء صاحب ألمكتبة في دير مشموشة.
أسابيع قليلة بعد ألحادثة ألمروعة رجعت من بيروت ألى جزين بعد ان غنيت في أستديوا ألفن أغنية مشهورة للصافي وهي:
(ليش يا ابني ليش طولت ألغياب)

أدمعت هذه ألأغنية ألعاطفية ألكثير من ألمستمعين وخاصة ألذين فقدوا أولادا ً أو أقاربا ً عزيزين عليهم في هذه ألحرب.

ما أن وصلت ألى ألبلدة حتى أستقبلني ألأصدقاء بألترحيب وما أن دخلت بيت ألأهل حتى قالت لي ألوالدة أن شخصا ً من أل حرفوش في وادي جزين يريد مقابلتك.
أخذت عنوان ألشخص وأنحدرت بسيارتي ألى ألوادي حيث أستعلمت عن بيت ألداعي.
طرقت باب ألبيت فأطل عليَّ وجه مألوف.
لم يترك صاحب ألبيت فرصة لي لكي تلتقط ذاكرتي وجهه ألمألوف حتى أسرع وضمني بيديه ألى صدره.

عند ألتلامس وأسرع من ألبرق تذكرت وجهه وعرفت من هو.
غمرني بقوة وأجهش في ألبكاء.
لم تتحمل نفسي فأسرعت عينايا هي الأخرى في زرف ألدموع.
عندها أطلت ألأم وأخذت بيدي وجلسنا وكل منا يمسح دموعه بيديه.
لا أتذكر كل ما جرى في ذالك ألحين.
لكن شعرت بأن حرفوش وزوجته أستقبلاني ذالك أليوم كأبن عزيزعليهم.

أليوم أؤكد وأجزم
حتى ألتاريخ ألأسود, فأن ألأنسان يقدرعلى تغيير مجراه أذا وُجدت ألأرادة ألصالحة وألمحبة.

أن صاحب هذه ألمكتبة لو لم يكن ذو طمع ومدفوعا ً دفعا ً قويا ً من رئيس دير حسود
وراهب أسود لئيم
لتحصيل ألقسط مني او من غيري بألطريقة ألتي أتبعها هو وألناظر ألجاهل
لما حصل مكروه لي أو لغيري ولما أخذت ألعدالة ألألهية بيديها
حقي وحق ألضعفاء وألمستضعفين امثالي.

خلاصة
دير ٌ بارد لا تدخله شمس ألعطف ولا نور ألمحبة.
رهبان سوداء غطت نفوسها بألظلمة وألجهل.
قسٌ حقود يثأر من طفل ٍ بريء ضعيف لأجل حفنة من ذهب.
ناظرٌ جاهل ٌٌ كلبٌ يتبع أمر صاحبه من دون تفكير.
صاحب مكتبة, تاجر طميع لا صبرعنده ولا حنان.

هذا هو لبنان ألمزرعة
فمتى سيكون لنا لبنان ألدولة؟
متى؟

أميليو سلبم كحيل
لندن 09 02 28

Back to Articles

The tortoise is challenging the rabbit... Follow this site, poll after poll, survey after survey, to see monthly many interesting polls and surveys to debate... Cast your vote for polls and future polls from Lebanon. Say your opinion: Submit your ideas by contacting info (-AT-) challengerabbit.com